مؤسسة العلوم الإسلامية

من المعلوم أن وجود المسلمين في أوروبا وعددهم بدأ يتزايد ويظهر في الآونة الأخيرة تزايداً ملحوظاً, وظهوراً بيِّناً, وذلك لأسباب كثيرة متنوعة ومتعددة, منها نشوء أجيال جديدة من أبناء المسلمين المهاجرين لهذه البلاد, الذين قدموا إليها بعد الحرب العالمية الثانية أي قبل أكثر من نصف قرن, وكذلك تجدد هجرة المسلمين إلى هذه البلاد مرة أخرى في العقدين الماضيين بشكل كبير, فصار  المسلمون حدَثاً واقعاً, لا يمكنُ تجاهله أو التغاضي عنه عند الشعوب والحكومات الأوروبية, وبناءاً عليه قامت هذه الحكومات بإيجاد الطرق التي تجعل من وجود المسلمين أمراً منسجماً مع الواقع الأوروبي, فقامت بأمور عدة منها تلبية مطالبهم بالمساجد وإنشاء الجمعيات الخيرية الإسلامية وغير ذلك, إلى أن وصل بها الحال منذ فترة وجيزة أن تقوم بتأسيس ما يشابه في البلاد العربية كليات الشريعة الإسلامية (وهي غير كليات الاستشراق المعروفة) لإعداد أئمة وخطباء, وأساتذة مختصين بتدريس مادة الدين الإسلامي في المدراس والجامعات الحكومية, وقد اجتمعنا ببعض من أسس هذه الكليات, وتباحثنا مع بعض من يدرس فيها أيضاً, فرأينا من خلال عملهم وطرحهم أن لديهم طريقاً معيناً لتعليم الإسلام ونشره, وهذا الطريق بنظرنا ليس كافياً ولا كاملاً في أقلِّ توصيف له, فكان من واجبنا أن نقابل هذا السعي المبذول من الحكومات الأوروبية, ونقدم تجاه هذا الجهد المشكور من الجامعات التعليمية, أن نقوم بردفهم وإعانتهم بإيجاد طريقٍ موازٍ لهم, متممٍ لعملهم, يسير معهم ويكمَّل نقصهم ويقوي طلبة العلم الشرعي لديهم, الذين سيتخرجون من هذه الكليات للقيام بواجبهم تجاه أبناء دينهم وبلدهم الذي يعيشون فيه وينتمون إليه ...

فمؤسستنا تتقدم لتشارك في مسيرة إحياء الدين وتجديده، وتيسير طلب العلم الشرعي لكل راغب, وتمهيد سبيله لكل سالك، من خلال تقنية التواصل المباشر عن بُعد التي يسرها الله تعالى في هذا الزمان، وأحالت العالم كله إلى ما يشبه الغرفة الواحدة, وفي إطار الوسطية الإسلامية التي هي طريق الصادقين .

وكان مما دفعنا لهذا الطريق الأكاديمي (مؤسسة العلوم الإسلامية – FiT ) بالطرح الذي نفصله لاحقاً, علْمنا بمدى حاجة المسلمين الماسة في المجتمع الأوروبي لأشخاص مختصين في العلوم الشرعية, يعشيون في هذا المجتمع ويعلَمون لغته, ويدركون تفاصيله وخصوصيته كما أن لكل بلد سمات وخصوصية, وأن يكونوا أيضاً حاصلين على شهادات أكاديمية جامعية موثوقة, كي يستطيعوا تقديم أنفسهم بشكل منطقي ومقبول لمن يحيط بهم, فيستطيعون عند ذلك المشاركة بكثير من الأمور التي سيكون لها الأثر السلبي الكبير عليهم لاحقاً, فيما لو غابوا عنها وتغاضوا عن وجودهم فيها ...

وأخيراً نقول بكل صراحة ووضوح, إن أهم سبب دفعنا للقيام بعملنا هذا هو السعي في رفع الجهل عن المسلمين, ونشر فهم الإسلام الحقيقي بينهم أنفسِهم, لأن الجهل بالإسلام من أبنائه هو أكبر خطر يهددهم ويؤذيهم, بل ويقضي عليهم, فقد روينا عن الإمام الجليل محمد بن سيرين رحمه الله تعالى أنه قال : إن قوما تركوا طلب العلم، ومجالسة العلماء، وأخذوا في الصلاة والصيام حتى يبس جلد أحدهم على عظمه، ثم خالفوا السنة، فهلكوا وسفكوا دماء المسلمين، فوَالذي لا إله غيره ما عمل أحد عملاً على جهل إلا كان يفسد أكثر مما يصلح  .

ولذلك تعتبر مؤسسة العلوم الإسلامية  في ألمانيا - FiT بنشرها العلم للمسلمين بيسر وسهولة في هذه البلاد, نوع صمامٍ للأمان في المجتمع الأوروبي وذلك بالمحافظة على الاعتدال, عن طريق نبذ التطرف والغلو في الدين, ومنع تحريف وتغيير مبادئ الإسلام والمسلمين من جهة أخرى .

وفي الختام لا يفوتنا, أن نحيي جميع الجهود التي سبقتنا في هذا المجال، ونقر لها بالفضل والسبق والريادة ونتمثل بقول ابن مالك رحمه الله تعالى معبراً عن هذا المعنى :

وهو بسبق حائز تفضيلا      مستوجب ثنائي الجميلا

وإننا نتطلع إلى التنسيق معها والتكامل بيننا وبينها إقامةً للدين، ونصحًا لله ورسوله ولعامة المسلمين .

النّشأة :

نشأت مؤسسة العلوم الإسلامية - FiT بترخيص من قبل الدولة الألمانية عام 2016 ميلادي, كمؤوسسة تعنى بالأمور التعليمية تحت اسم :
(FACHWESEN ISLAMISCHER THEOLOGIE), وقد أنشئت لتكون مصدر إشعاع إسلامي متخصص تمتد آثاره عبر ألمانيا إلى الأقطار والشعوب الإسلامية في كافة أرجاء المعمورة .

مدير المؤسسة :

الشيخ خليل بن سمير خليلو  khalil@fit-eu.org